للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يكن داعياً من دعاة الخير والهدى الحميد؟ ألم يكن المثل الأعلى في الخلق وطيب النحيزة؟ وقد تفضل الأستاذ الجليل محمد شفيق غربال، فأعطاني كتاباً لمستشرق كندي وصفه في تاريخ الإِسلام في العصر الحديث، تحدث في فصل منه عن مقالاته في مجلة "نور الإِسلام" -وهي مجلة الأزهر لأول نشأتها-، وعمق النظر فيها، وأثنى عليه أطيب الثناء، وهو يصفه أنه مثالي. ومن كلامه: "أما أنه رجل مثالي، فهذا ما يتبادر من كتابته. وهو مثالي من الوجهة النفسية والأخلاقية على حد سواء". ومن كلامه أيضاً في هذا المعنى: "ومثله في المشاركة الفعلية، وجهاده في إصلاح المجتمع، ومثله في الدماثة الشخصية -حتى مع أعدائه-، ولكن مع التحرر من معرة الملق والمداهنة، ومن نقيصة التظاهر والرياء، ومثله في الكمال العقلي الدقيق، واحترام النفس، والاعتدال، والبعد عن النقائص -مثل: الكبر والمهانة- هذه المثل وغيره يصورها الخضر بصورة واضحة خاصة به لرسم طابعها الخلقي".

أجل، ألم يبلغ أقصى ما يبلغه أمثاله، فكان شيخاً للجامع الأزهر، وإنما أتاه بهذا المنصب: العلم، والحلم، والحسب، والفضل الغزير، فحفظ للمنصب رونقه وجلاله؟!

والذي يتناول حياة الشيخ ينتشر عليه مجال القول، ولا يدري أي وجه يأخذ، فكل أمره بارع، وكل شأنه سامق. وهمّي في هذا المقام أن أذكر موجزاً بسيرته، وسيتناولها الناس بالبسط والتفصيل في مقاوم أخرى.

* نشأة الشيخ:

ولد الشيخ في "نفطة" من أعمال تونس، ويقول فيها ياقوت: "مدينة بأفريقية من أعمال الزاب الكبير. وأهلها شراة أباضية، وهبية متمردون".