وكان يدعو -كما قلت- إلى وحدة العرب والمسلمين. وكأنما بلغت نفسه بعض أمنيته بوحدة مصر وسورية، فمات عقب إعلانها قرير العين.
وكان الشيخ رقيق القلب، يحفظ عهد الصديق، وفياً للعشير. ماتت زوجه عقب توليه منصب مشيخة الأزهر، فرثاها بقصيدة أسى ورقّة، يقول فيها:
أعاذل غضّ الطرف عن جفني البكي ... لخطب رمى الأكباد مني بأشواك
ولي جارة أولى بها سقم إلى ... نوى دون منآها المحيط بأفلاك
أيا جارتا عهد اللقاء قد انقضى ... وصمتك إذ أدعوك آخر ملقاك
أجارة هذا طائر الموت جاثم ... ليذهب من زهر الحياة بمجناك
وكيف يروم الصحب مني تصبراً ... ومركبة حدباء أرست بميناك
وكنت ألاقي كلما جئت مؤنساً ... فمالي ألاقي اليوم صيحة منعاك
حنانيك هل ساءتك مني خليقة ... فأنكرتِ دنيانا وآثرتِ أخراك
وكنت أعزي النفس من قبل أنني ... أموت قرير المقلتين بمحياك
ولم أدر ما طعم المنون فذقته ... مساء لفظتِ الروح والعينُ ترعاك
هوى بك بَيْنٌ لست أرجو وراءه ... زمانا يجود الدهر فيه بمرآك
فهيهات أن أنساك ما عشت والأسى ... يموج بقلبي ما جرت فيه ذكراك
وهيهات لا أنسى مواطن كنت لي ... مسلية لا أنس إلا بمغناك
ولولاك لم أقض اليراعة حقها ... كأن نسيج الفكر حيك بيمناك
وأنت التي حببت لي العيش بعدما ... سئمت فطيب العيش بعض مزاياك