من طاردت من الأحرار، وهو كالسيف المسلول لا يضعف ولا يهن، فهاجر إلى مصر، وفي مصر عكف على العلم الذي كان ذخيرته وعدته دائماً، ولم ينس جهاده في سبيل الإِسلام، فأخذ يؤسس الجمعيات الدينية، ويعضدها بقلمه ولسانه، وأنشأ جمعية الهداية الإِسلامية، وكان يمدها بما يفيض ماله القليل.
ووقف قلمه على من يهاجمون الحقائق الإِسلامية، وله كتاب أفرده في الرد على من هاجموا نظام الحكم في الإِسلام. وقد امتاز بقوة الحجة، وإحكام الجدل العفيف النزيه.
ولما أنشئت الكليات الأزهرية، كان ممن أقاموا دعائم التدريس في كلية أصول الدين، وتلاميذه من الوعاظ وغيرهم يذكرون فضله عليهم، وعمق تفكيره، ويعتبرون ما كتبه حجة يرجعون إليها.
ومنذ اتجهنا إلى إنشاء مجلة "لواء الإِسلام" نتقدم بها محتسبين النية خدمة لهذا الدين الحنيف، وبياناً لحقائقه، لم نجد علماً يحمل اللواء سوى الشيخ الخضر حسين، فأرسى قواعد التحرير فيها، وتعهدها بتوجيهه وقلمه وقلبه المنير، ونيته وإخلاصه - رضي الله عنه -، فسارت قدماً إلى الإمام، تحمل رسالتها، وتتجه إلى غايتها، ومن ورائها (الخضر)، ونخبة مؤلفة من العلماء المخلصين المؤمنين.
ولم ينقطع عن رياسة التحرير إلا عندما شغل بمنصب شيخ الأزهر، وفي هذا المنصب أعاد إليه كرامته، وأكّد عزته، ولا يزال الأزهريون يذكرون له مواقف الشمم والإباء، وما زالت كلماته التي قالها، والتي استهل بها عهده فيه تدوِّي في آذانهم، يرددونها، ويعترفون له بتحقيقها، فقد قال - رضي الله عنه -: "ولّيت