"صحيح البخاري" على الشيخ سالم بو حاجب الذي اشتهر بميوله الإصلاحية، وبكثرة المتتلمذين عليه، وشدة تأثيره الإصلاحي فيهم؛ مما ساعد على ظهور عدد كبير من رجال الإصلاح الديني والاجتماعي والسياسي في عهده، والعهود الموالية إلى عصرنا الحاضر. .
ولا شك في أن مترجمنا الشيخ محمد الخضر كان من أنبغ تلاميذه، وأكثرهم تأثراً به، وعملاً بتعاليمه ومذهبه في الإصلاح.
وفي عام (١٣١٦/ ١٨٩٨) نال شهادة التطويع، وهي شهادة سميت بهذا الاسم؛ لأنها تتيح لحاملها أن يتطوع بإلقاء الدروس في الزيتونة نفسها.
وكان هذا التطويع أمراً شائعاً في عصره، بل كان مرقاة للظفر بالمناصب العلمية والدينية، كما كان ميداناً للخبرة والتدريب العلمي على مهنة التعليم.
* رحلة قصيرة:
ويظهر أن الشيخ كان محباً للأسفار، وطموحاً إلى الشرق منذ البداية، وهي سنّة كانت الحياة العلمية بتونس تجري عليها منذ القدم. فقد حاول الشيخ في هذا الوقت السفر إلى الشرق عن طريق ليبيا، ولكنه لم يتجاوز مدينة "طرابلس"، ثم عاد ليتطوع في العام الموالي لتخرجه بالتدريس بين سواري الجامع الأعظم.
ورغم هذا التطوع كان مطية للشهرة، واكتساب الخبرة العلمية للمتخرجين الجدد، لا سيما للأذكياء والمتفوقين، فإن الشيخ الخضر لم ينل من تطوعه ذاك ما كان يرجوه منه من اهتمام ذوي الشأن به، خاصة مشيخة الجامع التي كانت مكونة من نظار عديدين، ولكنهم جميعاً منحدرون من عائلات تقليدية برجوازية احتكرت العلم الرسمي، كما احتكرت جميع المناصب العليا في