للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يؤكد لنا المعاني موقف الأستاذ علي باشا حانبة من ذلك الإضراب الذي أعلنه الزيتونيون، حين حضر إلى جامع الزيتونة، وخطب فيهم معلناً تأييده التام، وممجداً لحركتهم، ومفاخراً بأنه يعتبر نفسه زيتونياً مثلهم؛ إذ كان قد تردد على دروس الجامع مدة عامين، كما أعلن فتح أعمدة جريدته "التونسي" لنشر كل ما يهم قضيتهم (١).

ويظهر أن السلط الاستعمارية بدأت منذ إضراب الطلاب تراقب الشيخ الخضر (٢)، وتحاول انتهاز أي فرصة لإزعاجه، ولكنه -بما عرف عنه من هدوء في الطبع، وميل إلى قلة الكلام، واعتدال في الرأي- لم يتح للاستعمار أو للرجعية المتعاونة معه أي فرصة لذلك، غير أن الظروف المعاكسة أتاحت للاستعمار هذه الفرصة، كما ساندته فيها العقلية البرجوازية المسيطرة على الحياة في جامع الزيتونة يومئذ.

* الجهاد الليبي:

أعلنت إيطاليا الحرب على ليبيا المحكومة من طرف الأتراك العثمانيين، ومعظم البلاد العربية الأخرى، وكانت الحركات الوطنية والدينية في جميع البلاد العربية ذات صلة أو نزعة تميل للخلافة؛ إذ تراها الجامعة الوحيدة التي تجمع بين المسلمين، والتي يمكن أن تشد أزرهم في كفاحهم ضد الحكم والاحتلال الأجنبي.

وكانت تونس في هذا العهد قد شعرت بواجبها نحو جارتها الشقيقة ليبيا، فهبت لمساندة المجاهدين الطربلسيين بالقول والعمل وبالمتطوعين،


(١) "الحركة الأدبية" (ص ٩٨).
(٢) انظر كتب: "معركة الجلاز"، "هذه تونس"، "الحركات الاستقلالية".