للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الزيتوني، وعلى تنظيم صفوفهم في جمعية طالبية، وقد تكللت دعوته بالنجاح؛ إذ أسس الطلبة الزيتونيون أول منظمة طالبية في تونس عام ١٩٠٧، وشرع الطلبة يطالبون يالإصلاح بإيعازه وتوجيهه الخفي لهم، حتى تطور الأمر إلى إعلان أول إضراب عن التعليم قام به الطلاب بتونس، وهو الإضراب الذي أعلنه طلاب الزيتونة يوم ١٦ أفريل عام ١٩١٠، وكان عددهم يومئذ زهاء السبع مئة طالب (١). وقد فطن الاستعمار إلى أن المحرك الحقيقي للطلاب إنما هو داعية الإصلاح الشيخ محمد الخضر حسين؛ مما جعل سلط الاحتلال تنظر إليه بريبة، وتعتقد فيه -رغم ما يظهر عليه من هدوء واعتدال- خطراً جسيماً يهيئ للاستعمار أجيالاً من الثائرين والمشاغبين.

* عصر الشيخ:

وكانت تونس في هذا العهد (٢) تعج بالحركة والنشاط في ميدان الإحياء والبعث، وفي ميدان الكفاح الوطني، فقد كان حزب (تونس الفتاة) بزعامة المرحوم علي باش حانبة، ينبه الشعب من غفوته، ويحاول تنظيم صفوفه للقيام برد الفعل بعد صدمة الاحتلال العنيفة. كما كانت الحركة الفكرية تعج بالمناقشات والدعوات للنهوض والبناء من جديد، وكان الصراع شديداً بين دعاة التطور، وبين المحافظين، ولكن العلاقات بين قادة الكفاح الوطني وبين رجال الفكر والأصلاح كانت قوية متماسكة، رغم الاختلافات الجزئية بينهما في منابع الثقافة، أو في أهداف الإصلاح وعمقه ومداه.


(١) "أركان النهضة الأدبية" (ص ٤٢)، وانظر تفصيلاً أكثر عن حركة الطلاب في "الحركة الأدبية والفكرية بتونس" (ص ٩٦ - ٩٩).
(٢) انظر عن هذه المرحلة: "الحركات الاستقلالية في المغرب العربي"، و"هذه تونس".