الزيتونة (١)، ثم شارك في مناظرة للتدريس من الطبقة الثانية، ففاز بها في عام (١٣٢٥/ ١٩٠٧)، ثم عين أستاذاً في العام الموالي بالمدرسة الصادقية. وبين توليه لهذين المنصبين عرضت عليه سلطات القضاء الاستعماري أن يكون عضواً في المحكمة المختلطة التي كانت تختص بالقضايا التي يكون فيها أحد الطرفين أجنبياً، فرفض الشيخ أن يكون قاضياً أو مستشاراً في محاكم تعيش في ظل الاستعمار، ولخدمة أغراضه ومصالحه، وهو موقف مشرف آخر من مواقفه المجيدة الكثيرة.
* في الخلدونية:
وفي هذا العام انتدبته الجمعية الخلدونية ليلقي دروس الآداب والإنشاء على طلابها، وكان إلى جانب هذه المهام التدريسية الثلاث: في الزيتونية، والصادقية، والخلدونية -وهي أعلى معاهد تونس يومئذ، وكلها لم تكن معاهد للعلم فقط، بل كان خريجوها هم أقطاب الحركات الوطنية والاجتماعية والدينية والفكرية، لا في تونس وحدها، بل في المغرب العربي كله- إلى جانب مهامه التدريسية تلك، كان يواصل إلقاء المحاضرات، ونظم القصائد، وكتابة المقالات في مختلف شؤون الحياة التونسية. فمن محاضراته على منبر الخلدونية وقدماء الصادقية محاضرة عن "حياة اللغة العربية"، وأخرى عن "حياة ابن خلدون"، وثالثة عن "الدعوة إلى الإصلاح".
* داعية للإصلاح:
وخلال هذه الفترة كان يحث الطلاب على المطالبة بإصلاح التعليم
(١) طبع من هذه الفهارس أربع مجلدات، شملت المخطوط والمطبوع.