ظهر الباخرة التي كانت ستقله من منفاه في أفريقيا إلى منفاه الجديد في فرنسا، وحين رست هذه الباخرة بميناء السويس عام ١٩٤٧، كان الشيخ الخضر من بين الشخصيات التي زارت الأمير، وأقنعته بطلب اللجوء إلى مصر، والفرار من الأسر.
ها هو يصف بطولة الأمير عبد الكريم، باعتبارها مثلاً من بطولات المغرب العربي، ويحمل الشرق عدم مؤازرته له أيام كفاحه:
قلت للشرق وقد قام على ... قدم يعرض أرباب المزايا
أرني طلعة شهم ينتضي ... سيفه العضب ولا يخشى المنايا
فأراني بطل الريف الذي ... دحر الأعداء فارتدوا خزايا
غضبة حراء هزته لأن ... ينقذ المغرب من أيدي الرزايا
شب حرباً لو شددنا أزرها ... لأصابت كل باغ بشظايا
وبالإضافة إلى قصائده، وجمعياته، وأعماله الأخرى، كانت مجلة "الهداية الإسلامية" مجلة مغربية واضحة الدلالة؛ في كتابتها، وأبحاثها، ودفاعها عن مختلف المواقف الوطنية والإسلامية والعربية (١).
وقل مثل هذا عن مجلاته الأخرى، وقد شبهه بعض الكتاب المعاصرين بابن خلدون في هجرته إلى مصر، وفي نزعته المغربية، قال:
"لاشك أن محمد الخضر حسين كان علَماً من أعلام الفكر المغربي الإسلامي مكافحاً وطنياً، ومغترباً في سبيل الحفاظ على حرية الكلمة. وأقام -كابن خلدون- بقية عمره في مصر، ورقي فيها إلى أعلى المناصب، وعمل