قال صاحب المقال في رده:"وهو حين يحدث عن أمر أيوب، إنما يحدث الرسول الكريم؛ ليثبت فؤاده، وماذا في أمر المرض والصبر عليه من تثبت فؤاد الرسول، ذلك الفؤاد الذي لا يتزلزل إذا تزلزلت الجبال، فهو الذي يقول: "والله! يا عم! لو وضعوا الشمس في يميني، والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر، ما فعلت حتى يُظهره الله، أو أهلك دونه"؛ إذ مقتضى هذا أن فؤاد الرسول إنما يهتز أو يخف ثباته لأخطر الشؤون وأكبرها بما لا يعزّي فيه حديث عن مرض".
إن كان صاحب المقال يجري في بحثه على أن معنى آية:{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ}[هود: ١٢٠]: أن كل ما نقصه عليك من أنباء الرسل هو ما نثبت به فؤادك حين يهتز لأمر خطير، أو تدركه خفة، فمن أنباء الرسل - عليهم السلام - ما لو نظرت إليه وحده، وجدت له حكمة غير تثبيت الفؤاد حالَ اهتزازه لأمر خطير؛ كالآيات المسوقة للثناء عليهم ببعض الأعمال الصالحة؛ نحو: صدق الوعد، وبر الوالدين، والآيات المشتملة على بعض أحكام شرعية.
ونحن نرى ما يراه أهل العلم من أن المراد من تثبيت الفؤاد: يقينه واطمئنانه، واليقين والاطمئنان يزدادان بكل نبأ يقصه الله تعالى من أنباء الرسل على اختلاف أنواعها، وتباين مقاصدها، وكلما ازدادت النفس من عند الله علماً، ازداد يقين صاحبها ضياء، فازداد فؤاده ثباتاً وسكينة.
قال صاحب المقال:"وإنه ليعد نابياً عن مكان التأسي من يجيء لقائد من القواد قد كان في عَدد وعُدد، فاندحر جيشه، وأسر القائد، واحتُلت العاصمة، وثُل العرش، وديس التاج، فيقول لذلك القائد المأسور: لا تحزن؛ فإن بستان فلان قد اجتاحته آفة، أو فلان قد مات له اليوم ولد".