القصة تكون خالية من العبرة، وقال:"وماذا عسى أن يكون من العبرة في أن يقص الله تعالى على نبيه - صلى الله عليه وسلم -: أنه اصطفى أيوب لرسالته، ثم أمرضه، فأعجزه عن القيام بأعباء الرسالة، وما تتطلبه الدعوة من قول وعمل؟ ".
فنبهنا على أن في ذلك عبرةً أيَّ عبرة، هي: أن رسولاً من كرم الرسل يكون في نعمة من صحة الجسم، وانتظام الشمل، فيصاب بالمرض، والانقطاع عن الأهل، ويتلقى هذا المصاب بالصبر الجميل، حتى إنه لم يصرح بالدعاء إلا تعريضاً إذْ قال: ربِّ! {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء: ٨٣]، ثم إن هذا النبأ يقوي يقينه - صلى الله عليه وسلم - بأن شدة البلاء قد تنزل حيث يكون رضاء الله عظيماً، والمقام عنده رفيعاً.
فقام صاحب المقال يفتش عن شيء يعلقه في رده على هذا الذي قلناه، فجاء برأي يدعو إلى التعجب، كما يدعو إليه نفيه العبرة من القصة على الوجه الذي ذكره المفسرون، ذلك أنه صدَّر تعليقه بإنكار أن يكون قاصداً تهوينَ المصيبة على المعنى المذكور في التفسير حتى قال:"ولو كان الكاتب يريد إحقاقَ حق، لما انزلق عن الموضوع إلى الكتابة في شيء لم يكن من غايتي حين كتبت، ثم قال: "ولتكن المصيبة على هذا الوجه من أعظم المصائب، ولكنها لم تكن بعد ذلك كله مما يمتاز به الرسل. فكم من أناس لم يكونوا رسلاً، وكانوا صالحين، وكانوا في مثل ما كان فيه أيوب من نعمة، ثم أصيبوا بمثل ما أُصيب أيوب - على ما زعمه المفسرون - ثم لم يكن منهم إلا الصبر الجميل! ".
وقد عرف القراء أن صاحب المقال أنكر أن يكون في القصة على تفسير ما أصاب أيوب - عليه السلام - من المرض عبرةٌ، فذكرنا أن في ذلك عبرة،