للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأمة الإسلامية، فهو في كل مقال يخطه، أو محاضرة يلقيها يلتمس الأدلة اليقينية على مجد السلف، وعزّ الأجداد، وكان ذلك أمراً لابد له أمام مزاعم الاستعمار وأذنابه، ممن يرون في الشرق كل تأخر، وفي الغرب كل تقدم وازدهار، ويمكننا أن نستعير بعض ما كتبه السيد في مقدمة كتابه "نقض الشعر الجاهلي"؛ ليرى القارئ إجمال دعوة الرجل موجزاً بقلمه البليغ، قال الأستاذ:

"نهضت الأمم الشرقية فيما سلف نهضة اجتماعية ابتدأت بطلوع كوكب الإسلام، واستوثقت حين سارت هدايته سيرها الحثيث، وفتحت عيون هذه الأمم في طريقة الحياة المثلى، سادت هذه النهضة، وكان لها الأثر الأعلى في الأفكار والهمم والآداب، ومن فروعها نهضة أدبية لغوية، جعلت تأخذ مظاهرها العلمية لعهد بني أمية، واستوت على سوقها في أيام بني العباس.

تمتع الشرق بنهضتيه الاجتماعية والأدبية حقباً، ثم وقف التعليم عند غاية، وأخذ شأناً غير الشأن الذي تسمو به المدارك، وتنمو نتائج العقول، فإذا غفوة تدب إلى جفون هذه الأمم، ولم تكد تستفيق منها إلا ويد أجنبية تقبض على زمامها.

التفت الشرق إلى ما كان في يده من حكمة، وإلى ما شاد من مجد، وإلى من شب في مهده من أعاظم الرجال، أخذ ينظر إلى ماضيه؛ ليميز أبناؤه بين ما هو من تراث آبائهم، وبين ما يقتبسونه من الغرب، ويشعروا بما كان لهم من مجد شامخ، فتأخذهم العزة إلى أن يضموا إلى التالد طريفاً، وليذكروا أنهم ذرية أولئك السراة، فلا يرضوا أن يكونوا للمستبدين عبيداً".

هذا هو المجال الذي انطلق فيه يراع الأستاذ طيلة حياته: مجال التذكير