التي هي وحي صادق تدل على أن الله تعالى يبتلي بعض أوليائه بأشد البلاء، حتى إذا وجد منه قلباً ساكناً، ونفساً راضية مطمئنة، كشف عنه البلاء، وكانت عاقبة ذلك الصبر أن يزيد الله منزلته رفعة، ويثني عليه ثناء يرفع به ذكره؛ كما قال تعالى في أيوب - عليه السلام -: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}[ص: ٤٤].
فلهذه القصة مناسبة بما كان يلاقيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بلاء يأتي من ناحية الخلق، أو بلاء ينزل من السماء، وهي من القصص التي يكون لها أثر في تثبيت الفؤاد، وجعله الفؤاد الذي ينزل به البلاء، فيجده في درع من السكينة والثبات.
سبق أن صاحب المقال قد اعترف في رده بأن أنباء المعجزات والأحكام الشرعية مما يتصل بأمر الدعوة، وفي قصة أيوب - عليه السلام - مع المعنى الذي يقوله المفسرون معجزة:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}[ص: ٤٢]، وحكم شرعي:{وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ}[ص: ٤٤] زيادة عما فيها من أدب جميل: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}[الأنبياء: ٨٣]، وخلق عظيم:{إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}.
قال صاحب المقال في رده:"ما كان رسول الله بحاجة إلى أن يقوى يقينه بأن الثواب على قدر المصيبة، وأن رفعة المقام لا تمنع من عظيم البلاء حتى يقص عليه شأن أيوب ليزيده يقيناً بهذا".
لم أقل إن قصة أيوب - عليه السلام - تقوي يقينه - صلى الله عليه وسلم - بأن الثواب على قدر المصيبة، ولم أعرج في مقالي السابق على هذا المعنى، وإنما قلت: يقوي بها يقين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن شدة البلاء قد تنزل حيث يكون رضا الله