عرفته، وعجبت منه وهو يخف لزيارة كل تونسي يقدم القاهرة في طريق الحج، أو لأمر خاص، فيسأل عن أحوال تونس صغيرها وكبيرها:
هات الحديث فإنني أصبو إلى ... أنباء تونس من صميم القلب جدا
"خواطر ٧٢"
كان يحب تونس وأهلها حباً جماً، وحب الوطن من الإيمان:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة ... وأهلي وإن شَحُّوا عليّ كرام
كان نعم المشير والوزير، شديد الحفاظ على المودة والإخاء، واصل كل من وصل مصر من علماء تونس وقادة حركة تحريرها، وجمع العاملين لتحرير المغرب، واتصل بمن يزور القاهرة من أكابر وعظماء العالم الإسلامي. كان لا يجاهر بالسوء، ولكن سرعان ما يسل ثيابه من كل عمل أو زعيم يتبين له أنه داع لضلالة، أو مسرف على نفسه، أو عدو لله.
كان شديد الاستمساك بمذاهب أهل السنة والجماعة، لا يجامل في انحراف، ولا يماري في خلاف، ولا يطعن مخالفاً من خلاف، مجلسه مجلس علم وحلم، ودين ووقار، سمته سمة الصالحين.
يغضي حياءً ويغضى من مهابته ... فلا يكلم إلا حين يبتسم
ذو همة عالية، وطموح كبير، وأمل واسع، يجاهد لإعلاء كلمة الله، وقد حفظت منه هذه الآية وكأني لم أقرأها في كتاب الله:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ}[العنكبوت: ٦٩].
يهتم بشؤون جميع المسلمين، ويسعى لجمعهم على العمل لطاعة الله وطاعة رسوله، متحركاً لا يسكن، ولا يشكو رهقاً ولا ضنى ولا غربة.