إن الشيخ محمد الخضر حسين -رحمه الله- لم يعتمد في خدمة قضيته الكبرى قضية الإسلام والمسلمين على الطبقة العامة، قاعدة الشعوب، كما يحلو لهم أن يقولوا، بل أوكل ذلك إلى كفاءة أعضاء الجمعية، ومجلس إدارتها، وكثرهم علماء من الأزهر، يتناوبون الخطابة والوعظ والدروس على المنابر، وعقب الجمعة في الجوامع، وفي مراكز فروع الجمعية بمصر والعراق وسوريا، أما جمعية الهداية الإسلامية، والتي أنشأ لها مجلة باسمها ترأس الشيخ إدارتها ورئاسة تحريرها أكثر من ربع قرن، فقد رزقه الله بسطة في العمر والعلم أحسب أنه عمل فيهما بما يرضي الله، وبما لا يلحقه في ذلك غيره.
الغرض من تأسيس جمعية الهداية الإسلامية ومجلتها (١٣٤٦ - ١٩٢٨): القيام بما يرشد إليه الدين الحنيف من علم نافع، وأدب رفيع، وخلق كريم، وتعتمد في تحقيق هذا الغرض على الوسائل الآتية:
١ - السعي لتعارف الشعوب الإسلامية، وتوثيق الرابطة بينها، ورفع التجافي بين الفرق الإسلامية، والتعاون مع كل جمعية تسعى لهذه الغاية.
٢ - نشر حقائق الإسلام بأسلوب يلائم روح العصر.
٣ - مقاومة الإلحاد والدعايات غير الإسلامية في الأوطان الإسلامية بالطرق العلمية.
٤ - الجهافى في إصلاح شأن اللغة العربية وإحياء آدابها.
وقد كان همّ الشيخ وسعيه منصباً على توجيه وتثقيف المثقفين والواعين من الأمة، وتجميعهم، وهم قليل جداً في ذلك العهد السحيق في أول هذين القرنين، وابتدأ عمله المبارك بتونس، ثم بسوريا، ثم بتركيا في الحرب العالمية