هؤلاء هم صفوة الصفوة من أهل العلم، بل هم العلماء الحق في قول علامتنا الإمام الأكبر الشيخ محمد الخضر حسين - عليه رحمة الله ورضوانه-. . .: (من وظيفة العالم مراقبة سير الأمة، حتى إذا اعترضها خلل، أرشد إلى إصلاحه، أو ضلت عن حق، قادها إلى مكانه. ومن تصدى لتقويم الخاطئين، ورد جماح المبطلين، يلاقي بالطبيعة أذى، ويجد في طريقه عقبات لا يقتحمها إلا ذو عزم ثابت، وإقدام لا يتزلزل. وكم من عالم يفوقه أقرانه علماً وألمعية، ولكن ينهض لإحياء سنة، أو إماتة باطل، ويلاقي في جهاده شدائد، فيجتازها بنفس مطمئنة، ولا يلبث أن يرجح وزنه، ويبعد في حلبة السباق شأوه. ولو كشف لنا الغطاء عن حياة العلماء الذين أوذوا في سبيل الدعوة إلى الخير، ولم ينحرفوا عن خطتهم فتيلاً، لرأينا كيف ارتفعت منزلتهم، وتجلى وقارهم، حتى في عين من كان يسومهم سوء الأذية، أو يشفي غليل صدره أن يصرعوا في مصارع الاضطهاد.
الرجال الذين أحرزوا هذه المزايا، واستحقوا لقب العالم المصلح ليسوا بكثير. فلو قلبت نظرك في السنين الماضية، وصعدت به إلى عهد قريب، رأيت المعاهد العلمية إنما تبعث في العصر الواحد الرجل أو الرجلين. . ." (١).
هل ترى إمامنا الأكبر من هذه النخبة المختارة التي قلما يجود بمثلها الزمان؟
سنسير معه في درب الحياة خطوة خطوة؛ علّنا نهتدي إلى الجواب ..