للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أنا لا أنسى على طول النوى ... وطناً طاب مبيتاً ومقيلا

بل هو يعجب من شعراء عكفوا على اللهو والمجون، ووطنهم يعاني ما يعاني:

وأنفع الشعر ما هاج الحماسة في ... شعب يقاسي اضطهاد الجائر الأشر

من ذا يقيم على أرض يظللها ... ضيمٌ، ويحسن وصف الدلِّ والحور

وتعاوده ذكريات صباه في تونس، فيجد شيئاً من حلوها، إلا أنه ينقلب علقماً في نفسه حين يرتد إليه طرفه مشمئزاً من صورة جيش الاحتلال، فيقول:

ليال قضيناها بتونس ليتها ... تعود وجيش الغاصبين طريد

نعم .. لقد عاد لتونس أريج الحرية، بفضل الله سبحانه؛ لأنه أقدرك يا سيدي العلامة على النضال الذي كنت تغذي به رجال السياسة والعلم والأدب، حين كانوا يتوافدون إلى دارك العامرة، وإلى رابطة (تعاون جاليات أفريقيا الشمالية) التي أسست، والتي قامت بعقد المؤتمرات والندوات لشرح قضية المغرب العربي للعرب، وللمسلمين، وللعالم (١)، وإلى (جبهة الدفاع عن إفريقيا الشمالية) التي لعبت دوراً رائعاً في وحده النضال عند شباب المغرب العربي الأحرار.

كيف ينسى تونس الخضراء، وهو الذي ألقى المحاضرات، وكتب الدراسات المستفيضة عن الحالة العلمية في ذلك الوطن، وقدم بأدب وفخر


(١) رفع علامتنا الكبير مذكرة إلى دول العالم شرح فيها مساوئ الاحتلال الفرنسي، وقد نشرت في كتاب: "تونس وجامع الزيتونة" (ص ١٢٨).