كل هذه الصفات كان من عمادها، وانتمى إليها، وعَمِل لها بإخلاص، فقد أودع الله -سبحانه وتعالى- فيه من المواهب المتعددة التي قلّما نجدها في عَلَم من أعلام الإسلام.
في كلِّ أَصْقاعِ البلادِ مآثِرٌ ... تُنْبيكَ أنَّهُ شَمْسُها لا تَغْرُبُ
أمضيتُ ما يزيد عن أربعين عاماً بين آثاره وآخرين من أعلام الأسرة وغيرهم بحثاً ونشراً. وإذ ألتفتُ اليومَ إلى الماضي وما فعلتُ، أجدني مقصَّراً فيما أنجزتُ، وفي كُلِّ حالٍ ومآل، أحمد الله -سبحانه وتعالى- على نعمائه، بما استطعتُ أن أُثري المكتبة الدينية الإسلامية بهذا التراث القيَّمِ.
هذه وَمَضات من حياة الإمام تلمعُ كلمح البصر، وتظهرُ للعيان:
في مدينة "طولقة" الطاهرة، وشقيقتها "البرج" المباركة، تفتحت عائلتان شريفتان، وتصاهرتا، وتفرعتا إلى شجرتين باسقتين، امتدت فروعهما في العالم الإسلامي، وضُرِبَتْ جذورُهما في أعماقِ التُّراب الجزائري المقدَّس، فأينعتا ثماراً طيّبة، منها: الإمام محمد الخضر حسين -رضوان الله عليه-.
أبوهُ التّقي الزاهد الحسينُ ابن الولي الصالح علي بن عمر، وأمه السيدةُ الفاضلة حليمة السعدية بنتُ الولي الصالح مصطفى بن عزّوز ابن الولي الصالح محمد بن عروز.