للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على ما أصابه، ولكن الإمام يقول: "لم أتشبث بهذا القرار، وقنعت بما ظهر للدولة والأمة من طهارة ذمتي، وعدم تسرُّعي إلى النفخ في لهب الفتنة على غير هدى".

ومن شعره في السجن:

جَرى سَمَرٌ يَوم اعْتُقِلْنا بفندُقٍ ... ضُحانا به لَيلٌ وسامِرُنا رَمْسُ

فقالَ رفيقي في شَقا الحَبْس إنّ في الـ ... ـحضارَةِ أُنساً لا يُقاسُ به أُنْسُ

فَقُلتُ له فَضلُ البداوةِ راجِحٌ ... وحَسبُكَ أنّ البدوَ لَيسَ بهِ حَبسُ

ومن شعره في السجن -أيضاً-:

غَلَّ ذا الحبسُ يَدي عَنْ قَلَمٍ ... كانَ لا يَصْحُو عَن الطِّرسِ فَناما

أنا لوْلا هِمَّةٌ تحدو إلى ... خِدْمةِ الإسلام آثرْتُ الحِماما

* جهاد الأمام في برلين:

سلْ عنهُ "برلينَ" التّي عَجِبتْ لَهُ ... والشَّيْخُ في لَهبٍ يَجيءُ ويذْهَبُ

تحت دويِّ القاذفات والمدمرات، وفي الأَتُّون المشتعل لهباً وسعيراً, في ذلك الجوّ المرعب الرهيب، وقف الرجل المؤمن الصابر، يدعو الجنود المغاربة الذين وقعوا أسرى الألمان إلى الثورة ضد فرنسا.

زجَّ الاستعمار الفرنسي مئات الآلاف من أبناء شمال إفريقيا في حرب لا تعنيهم، وساقهم إلى مذابح الحرب، ودفع بهم إلى الخطوط الأولى من المعارك التي يخوضها مع ألمانيا، ووقع في الأسر عدد كبير من الجزائريين والتونسيين خاصة، فكان الإمام يتصل بهم ويؤانسهم، ويحرّضهم على القتال ضد فرنسا، وليس معها؛ لأن بلادهم تحتاج إليهم في هذا الموقف.