وهو حديث المرض، أما سائر الأنبياء، فقد حدَّث عن دعوتهم إلى الله".
لو كان في هذا الذي يقوله شيء من الحق، لجاء آخرُ وأنكر أن يكون يوسف - عليه السلام - أُلقي في الجب، ودخل السجن؛ لأنه حديث لم يحدثه الله عن أحد من الأنبياء، وهكذا يقال في قصة إبراهيم بذبح ابنه، ثم فدائه، بل في كل نبأ يقصه الله عن رسول، ولم يقصه عن غيره من الرسل.
كان صاحب المقال ذكر في الوجوه التي زعم أنها تبطل قول المفسرين: أن المفسرين قد خرجوا عن سنن القصص في القرآن، وقال: "فإنه لم يقص علينا عن الرسل إلا ما يتصل بأمر الرسالة، ويرتبط بسير الدعوة للعظة والعبرة، وماذا في قصه علينا مرض أيوب من عبرة؟ ".
فقلنا في رده: سنن القصص في القرآن: أن يحدثنا عن الرسل - عليهم السلام - بما فيه حكمة وموعظة، ولا فرق بين أن تكون هذه الحكمة أو الموعظة مرتبطة بسير الدعوة، أو راجعة إلى ناحية أخرى من نواحي الهداية، أو السعادة أو الكرامة، وذكرنا حديثه عن يوسف - عليه السلام - حين ألقي في الجب، وعن إبراهيم - عليه السلام - حين أُمر بذبح ابنه، وعن يعقوب - عليه السلام - حين ابتلي بفقد يوسف.
فقام صاحب المقال يحاول في رده دفع هذا الذي قلنا، فقال: "قد ذكر هذا الكاتب ثلاثة من الرسل كدليل على أن القرآن قد يقص علينا من شؤون الرسل ما لا يتصل بالدعوة، ويريد أنه بذلك لا تكون الآيات خارجة عن سنن القصص في القرآن، ولكن الكاتب في هذا إما مغالط، وإما أنه ألهاه الغرض عن الفرق بين أيوب، وبين من ذكره من الأنبياء، ولو ألقى عن نفسه الهوى،