"إن الآية إن لم تكن ظاهرة فيما أقول - لأنه لا يرد عليه من الإشكال ما يرد على المعنى الذي ارتضاه المفسرون من نسبة إنزال المرض بأيوب إلى الشيطان بنصب وعذاب، ولقد حاولوا دفع الإشكال بما لا ينفعهم ولا يجدي-, فالآية ليست صريحة، ولا ظاهرة في تلك الإسرائيليات المشكلة والخادشة لقدس الأنبياء، فلتكن الآية على الأقل محتملة لما تزعمه الإسرائيليات، ولما فسرت به الآية".
المفسرون يقولون: إن الضر في قوله تعالى في سورة الأنبياء: {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ}[الأنبياء: ٨٣] مرادٌ منه: المرض، وهو موافق لما جاء في "لسان العرب" من استعمال الضر في المرض والهزال بوجه خاص، وقالوا: رجل ضرير؛ أي: مريض مهزول.
ثم إن المس في قوله:{مَسَّنِيَ الضُّرُّ} متعلقٌ بذات أيوب، كما أن الباء في قوله:{فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ}[الأنبياء: ٨٤] متصلةٌ بذات أيوب أيضاً، وأيوبُ جسم وروح، وإذا كان للضر معنى شائع عند العرب يتألم منه الجسم والروح، وهو المرض، حملت عليه الآية حتى يقوم الدليل على إرادة غيره. ويوافق ظاهرَ القرآن في المعنى الحديثُ المتفق على صحته، فقد جاء في إحدى رواياته:"لما عافى الله أيوب، أمطر عليه جراداً من ذهب"(١). والمعافاة ظاهرة في الشفاء من المرض.
وأعاد صاحب المقال ما قاله مراراً من أن حمل الآية على المرض يجعلها خالية من العبرة والحكمة، ويجعل أيوب بدعاً من الرسل، وقال: "إذ يكون القرآن قد حدَّث عن أيوب حديثاً لم يحدثه عن أحد من الأنبياء،