للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والشعر، والثقافة العربية والإسلامية، فلا غرابة أن يقرض الشعر، ويكتب مبكراً من سني عمره.

ثم انصرف عنه إلى طلب العلم، ومزيدٍ من التحصيل المعرفي، ولم يعد ينظم الشعر إلا لدواعي الضرورة القصوى، فهو لم يقل الشعر إلا لتهنئة صديق، أو تذكيره بما يربط بينهما من الصلات، أو لرصد ناحية خلقية أو اجتماعية مشاركة منه في إصلاح المجتمع الإسلامي وتهذيبه، ولكن ذلك كله لم يمنعه من أن يقول شعراً كثيراً، وخاصة في السنوات الأخيرة من حياته.

وأكثر شعره جاء في موضوعات متفرقة؛ كوصف منظر، أو رصد موقف، أو تسجيل حكمة، أو التقاط مفارقة، أو تأمل في تجارب الحياة وأخلاق الناس.

يقول في رصد منظر الغروب وتصوير الشفق:

هذا الدُّجى اغْتالَ النَّهارَ ودَسَّهُ ... تحتَ التُرابِ مُضرَّجاً بدمائهِ (١)

ما حُمْرَةُ الشَّفَقِ التي تَبْدو سِوى ... لَطْخٍ مِنَ الدَّمِ طارَ نحو رِدائهِ (٢)

لقد كان الشيخ الحسين مجبولاً على حب الحرية، والعرة النفسية العالية، وقلما سنحت له الفرصة، وكثيراً ما كان يفعل ذلك، إلا ونبّه الأمة إلى الأخذ بأسباب التقدم والازدهار، والعمل على الانعتاق من ربقة الاستعمار.


(١) الدجى: الظلمة.
(٢) الشفق: الحمرة في الأفق من الغروب الى العشاء الآخرة، أو الى قريب العتمة.
اللطخ: اليسير القليل من كل شيء.