للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقول في موقف، وهو على فراش المرض بعد أبيات كلها تصبر وثبات على المكاره:

أَطَلَّ عَلَيَّ الموتُ من خَلَلِ الضَّنا ... فآنَسْتُ وجْهَ الموْتِ غيرَ كئيبِ (١)

ولوْ جسَّ أَحشائي لخِلْتُ بَنانَهُ ... وإنْ هالَ أقْواماً بنانَ طبيبِ

فلا كانَ مِنْ عَيْشٍ أرى فيه أُمَّتي ... تُساسُ بِكَفَّيْ غاشمٍ وغريبِ (٢)

كما كان الشيخ ودوداً، صائناً للعشرة، محافظاً على الصداقة، مراعياً لآداب الأخوة، ما لم تمس كرامته، أو يطعن في ذمته، لذلك نجده يقول في متفرقاته:

خَلُّوا عِداتي يَمْلَؤونَ بخَيْلِهمْ ... وبِرَجْلِهمْ أَكَمَ الثَّرى ووِهادَهُ (٣)

لا هَمَّ في الدُّنْيا إذا ظفَرتْ يَدي ... بأخٍ عَشِقْتُ ذَكَاءَه ورَشادَهُ

أصْفو لهُ أمدَ الحياةِ وإنْ رَمى ... سَمْعي بقَوْلٍ خادِشٍ ما اعْتادَهُ

لستُ المُقاطِعَ إنْ جَفا خِلٌّ ولَمْ ... يَكُ قَطْعُ رابطةِ الوِدادِ مُرادَهُ

إن متفرقات الشيخ الخضر كثيرة ومتنوعة ومتداخلة، لا يكاد يحصيها الباحث عدّاً، وعليه: فشعره أغلبه من المقطوعات الشعرية التي تحوي البيتين، أو الثلاثة، أو الستة أبيات. ولا يتجاوز عدد قصائده الطويلة سبعين قصيدة؛ فقد كان الرجل قصير النفس في جلِّ أشعاره، إلا فيما يتصل ببعض المواضيع


(١) الضنا: المرض والهزال، سوء الحال.
(٢) ساس الأمة: قام بها. الغاشم: الظالم والغاصب. الغريب: المستعمر إطلاقاً.
(٣) العداة: واحده العادي، وهو العدو. الأكم: جمع أكمة: التل.