للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هاج هذا الكتاب الرأي العام، فثار الناس، وتوالت المقالات في نقد الكتاب ومهاجمة مؤلِّفه، وفضح نُقوله عن الكتابات الغربية المغرضة، وقد شارك الشيخ محمد الخضر حسين بتأليف كتاب لا في النقد، بل في نقض كتاب "الشعر الجاهلي"، ولا شك أن كلمة (نقض) أكثر حدة وشمولاً من كلمة (نقد)، "وكان أسلوب الكتاب أدنى إلى أسلوب الأزهر المتبع في الحواشي، والذي يتحرى الدقة في تتبع النص كلمة كلمة. فهو يتناول في نقده طه حسين صفحة صفحة، بل سطراً سطراً. فيقدم بين يدَيْ نقدِه نصَّ الفِقرة أو الجملة التي سيتناولها بالمناقشة، مشيراً إلى رَقْم الصحيفة التي جاءت فيها، ثم يُعقب بمناقشتها، مفيضاً في ذلك ما بدا له، في صبر وحرص واستقصاء. وقد كان كتابه أطولَ ما أُلف في الرد على طه حسين، إذ يقرب من أربع مئة صفحة. وقد ظهر في سنة (١٣٤٥ هـ / ١٩٢٦ - ١٩٢٧ م) (١).

وقد نال هذا الكتاب شهرة واسعة في الأوساط الثقافية والعلمية، وخاصة لدى علماء الأزهر، وبيق غزارة علم الشيخ، وسعة اطلاعه في ميادين اللغة والأدب والدين.

* في ميادين الاصلاح:

لم يرض الشيخ الخضر حسين أن يقضي حياته موظفاً بدار الكتب، يتقاضى المرتب، ويتطلع للترقية في المنصب، ويعيش كيفما اتفق .. بل كانت نفسه تؤاقة تعشق المعالي، ولا ترضى بالخمول والسعي وراء مطالب العيش الرتيب ... نزل إلى الميدان يبارز التغريب في ميادين العمل الصحفي


(١) المرجع نفسه (ص ٣٠٢).