أصلُها ثابت، وفرعها ثابت، لا تهزها أعاصيرُ التغريب التي هبت على المؤسسات العلمية التي رعى المستعمر غراسها، واستطاع أن يُلَمِّعَ بعضَ رجالاتها، ومن بينهم: الأديب طه حسين، الذي ألف سنة ١٩٢٦ م كتاباً سمّاه:"في الشعر الجاهلي"، اعتبر فيه أن الشعر مُنتَحَل، لا يمثل الحياة الدينية أو العقلية أو الاجتماعية فيه، ولا يمكن أن نعتمد على هذا الشعر في تصور اللغة وخصائصها وأساليبها عند الجاهليين، محتجاً بما يرويه الرواة من الخلاف بين لغة الشمال، وبين لغة الجنوب.
ويتناول ذكرَ إبراهيم وإسماعيل - عليهما الصلاة والسلام - بكلام أقلُّ ما يوصف به من أنه كُفر بكُتبه ورسله يؤذي إيمانَ المؤمنين، ويفسد عقائد صغار الطلاب الذين ألقي عليهم، فيقول مثلاً:
"للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما -أيضاً-، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثنا بهجرة إسماعيل ابن إبراهيم إلى مكة، ونشأة العرب المستعربة فيها. ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة في إثبات الصلة بين العرب واليهود من جهة، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى"(١).
وواضح من كلام طه حسين مدى التأثير الاستشراقي المتحامل في فكر الرجل، وإعداده بوقاً يردِّد كلاماً طالما ردَّدته كتابات الغربيين من أمثال (مرجليوث)، وغيره.
(١) محمد محمد حسين، الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر، ط ٨، بيروت: مؤسسة الرسالة، ١٩٨٦ م، ٢٩٨ - ٢٩٩.