للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهاجم الشيخ محمد الخضر حسين دعاة العَلْمانية، وأنصارَ فصل الدين عن الدولة؛ بدعوى أن الجمع بين السلطتين الدينية والزمنية سبب لتأخر المسلمين، وأرجع سبب محاربة هذا التيار للدين إلى الإعجاب غير المتعقّل بالغرب، عبرَ وسائل الغزو الفكري في المجتمعات الإسلامية، ويرى أن الصورة في ذهن الشرقي عن أوروبا صورة مبالغَ فيها نحو الكمال والرقي الإنساني؛ بفضل الدعاية الثقافية والأدبية التي تقوم بها الأفلام السينمائية، ومدارس الإرساليات الأجنبية، والنشرات التي تحمل طابع البحث العلمي.

وقد كتب -رحمه الله- مقالاً في افتتاحية "نور الإسلام" (١) بعنوان: "ضلالة فصل الدين عن السياسة" ردّ فيه ردّاً علمياً منصفاً على مقال خرجت به إحدى المجلات تحت عنوان: "داء الشرق ودواؤه"، وفيه دعاية إلى فصل الدين عن السياسة، زعم فيه صاحبه: أن سبب تأخر المسلمين عدمُ فصل الدين عن السياسة، ورذ عليه فقرة فقرة، موضحاً زَيْفَ ما ورد فيه من أباطيل، وما نفخ فيه من نفاثات الفكر الغربي وفلسفته في الحكم والسياسة، مستمداً رده العلمي من آي القرآن، وسنّة المصطفى، وسير السلف الصالحين.

وعندما قال صاحب المقال: "ولو رزق المسلمون رجالاً ينظرون بعين الناقد البصير، من قبل قرنين، وفصلوا الدين عن السياسة، لكان للإسلام اليوم من الشأن والسيادة في الممالك التي اغتصبتها الدول الأورويية ما لا يقل عما للفاتيكان، وما كان خطر الاستيلاء عليهم عظيماً ... ".

رد عليه الشيخ بقوله: "إن فصل الدين عن السياسة هدمٌ لمعظم حقائق


(١) الجزء الخامس، مج ٢، جمادى الأولى، ١٣٥٠ هـ.