للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لعلوم الدين بسهم، ومن يضرب لهم، فبسهمٍ لا يغني من جهل، والتعليم الذي يُهضم فيه جانب العلوم الدينية، لا يرجى منه تهيئة لنشء تتساقط عليهم الشُّبه فيطردونها، أو توسوس إليهم الشياطين فيستعيذون منها".

لذلك حرص الشيخ محمد الخضر حسين على الدعوة إلى تعميم التعليم الديني في جميع المراحل والتخصصات؛ لأنه يدرك أن هذا النوع من التعليم هو صمّام الأمان الذي يحمي الأجيال الناشئة من حملات التغريب الهاجمة على عقلها وفكرها، فمنه تستمد المنهج، ومن خلاله تعرف الأحكام والتشريعات، وتترقى بتوجيهاته في مدارج الرقي الخلقي المنشود، وما ينبغي أن يحرم طلاب العلوم الحديثة من هذا كله، لتتوحد الرؤى والمنهل بين الطلاب جميعاً، فيقول -رحمه الله-: "ولو كان التعليم الديني آخذاً حقه في جميع مدارسنا، لم ير الناس ما يرونه فيها من التجافي بين أفراد نشؤوا في مدارس دينية، وآخرين نشؤوا في مدارس ليس للدين فيها نصيب، ولا منشأ لهذا التجافي إلا بُعد ما بين النشأتين، وإدخال العلوم الحديثة في المعاهد الدينية يذهب بجانب من هذا التجافي، فإذا عُنيت وزارة المعارف بدراسة علوم الدين درساً جديًا، اتحد أبناؤنا في أصل التربية، فيكون فضل المعاهد الدينية والمدارس الرسمية على الشرق في إخراجهما نشئاً يتقارب شعورهم، وتتدانى عواطفهم، فيتسابقون إلى أعباء الحياة بكواهل ملتئمة، ويرمون في وجوه العظائم عن قوس واحدة".

لم يقتصر النشاط الإصلاحي للشيخ محمد الخضر حسين على مواجهة التغريب، وكشف أساليبه، وفضح مؤامراته، بل تعدى ذلك إلى الكشف عن خطر الحركات التي تبرقعت باسم الدين، ولبست لبوس الإِسلام، ورفعت