نشأة واضعها؛ ليكونوا على بصيرة من أنها دعوى زائغة، ولا يغيب عنهم أن دعاتها الذين يجوسون خلال ديار الإِسلام إنما يثيرون في نفوس شبابنا فتنة، والفتنةُ أشد من القتل" (١).
وهكذا استطاع الشيخ محمد الخضر حسين أن يكشف زيف نحلة خطيرة ظلت حيناً من الدهر مطية ذلولًا للمستعمر الدخيل في بلاد الإِسلام، وأغرت بالدين حتى جعلت الناس -وخاصة في بلاد الهند- يعتقدون أن صاحبها مجددٌ من دعاة الإِسلام الحق، وأعلامه المصلحين!!.
"لقد عاش الشيخ الخضر حي الضمير، شديد الحساسية؛ فقد رأى الأجنبي يحاول أن يطمس نور الشريعة عن عيون تهيم بالإِسلام، كما يبذل قوته الحاشدة لتشويه اللغة العربية، والحكم عليها بالجمود والتقهقر؛ لينصرف الناس عن قرآنهم المجيد، وأحاديثِ نبيهم الكريم، ثم تنقطع صلاتهم بأصحاب الذخائر العلمية الرائعة من ورثة الأنبياء وهداة المصلحين.
لذلك أنشأ صحيفة "السعادة العظمى" على نمط "العروة الوثقى"؛ لتنشر محاسن الإِسلام، وتفضح أساليب الاستعمار، وكانت خطة السيد منذ حمل لواء الدعوة في صباه إلى أن لقي الله في شيِخوخته واضحة مفهومة، فهو يعتقد أن فساد الأمم الإِسلامية يرجع -في أصح أسبابه- إلى انصراف المسلمين عن هدي الشريعة الإِسلامية، ويرى أن السيطرة الأوروبية لم تملك زمام الأمور في الشرق إلا حين اعتصمت بالعلم، واستضاءت بالعقل، وأن الشلل العقلي لم تتمهد وسائلُه المؤسفة، وأسبابُه القاتلة في ربوع الدين
(١) طائفة القاديانية: الجزائر: المؤسسة الوطنية للكتاب، ١٩٨٦ م، (ص ٥ - ٧).