للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عدم وجود قلم كان يحتاج إليه ليكتب حتى في السجن، ومنعوا عنه الورق. . . قال:

غلَّ ذا الحبْسُ يَدي عن قَلَمٍ ... كانَ لا يَصحُو عن الطِّرْسِ فَناما

أنا لولا هِمَّةٌ تَحْدو إلى ... خِدْمةِ الإِسلامِ آثَرْتُ الحِماما

وله بعض أبيات جميلة قالها في السجن عندما جرى نقاش مع الأستاذ سعدي بك الملا الذي أصبح رئيساً للوزراء في لبنان؛ عن أيهما أفضل: البداوة، أم الحضارة؟ وكان الشيخ برأيه أن الحضارة نوع من المدنية، وأما بالنسبة للبداوة، فكان الشيخ قد عاش أول حياته في "نفطة"، وتأثر بالجو الريفي البدوي، وقال شعراً:

جَرى سَمَرٌ يومَ اعْتُقِلْنا بفُنْدُقٍ ... ضُحانا به لَيْلٌ وسامِرُنا رَمْسُ (١)

وقالَ رَفيقي في شَقا الحَبْسِ إنَّ في الْـ ... ـحَضارةِ أُنسًا لا يُقاسُ بهِ أُنْسُ (٢)

فقلتُ لَهُ: فَضْلُ البَداوةِ راجحٌ ... وحَسْبُكَ أن البَدْوَ لِيْسَ بهِ حَبْسُ

المذيع: طيب أستاذ حسيني. حدثتنا عن العلّامة محمد الخضر حسين كعالم، ولم نتحدث عنه كشاعر.

الحسيني: الشيخ الخضر شاعر رقيق، قوي السبك، إذا تصفحت ديوانه "خواطر الحياة"، تجده طرق كل فنون الشعر ما عدا الغزل، وقد حَقَّقته، كما حَقَّقه الأستاذ محمد علي النجار من الشيوخ في الأزهر، وأستاذ


(١) الرمس: القبر مستوياً على وجه الأرض.
(٢) رفيق الحبس: الأستاذ سعدي الملّا الذي كان سكرتيراً لشكري الأيوبي وقت الاعتقال، ثم أصبح رئيساً للوزارة اللبنانية.