فكان الرجل لا يتكلم عن التربية، وإنما يطبقها. نجد -مثلاً-: أن محمد عبده تكلم عن التربية، وتغيير المناهج في تونس، وحاول أن يطبق دراسته ومنهجه في الأزهر، إلا أنه فشل إلى حد ما. والشيخ الطاهر بن عاشور كتب "أليس الصبح بقريب" في التربية، نهج منهج محمد عبده، ولكن تفسيره يختلف عن تفسير محمد عبده. ابن عاشور رجل مهندس اللغة، ويأتي بأشياء مبتكرة لا تجدها في القواميس، رجل بحاثة، ويغوص في هذا.
والشيخ محمد الخضر حسين يناقش القدماء، ويناقش المحدثين في مناهجهم اللغوية، وآرائهم اللغوية، كما ناقش طه حسين، وله صولة وجولة في مصر، لا يسمع لمن ينتقده. ولم يخشى الشيخ الخضر القوى التي كانت وراء طه حسين. ولكن دافع بجوأة عن اللغة، وعن الشعر الجاهلي، واعتبره مصدراً من مصادر اللغة العربية يحتج به.
وتجوُّله في أوريا أعطى له بعداً حضارياً، ورأى أشياء لم يعهدها شيوخ الأزهر. ولعل تكلمه اللغة الألمانية ساعده على معرفة ما يكتبه الغربيون. ولذلك نحمد لشيخنا دفاعَه المستميت عن اللغة وصحة متونها وصحة أساليبها، والدفاع ضد كل من يحاول أن (يخربش) فيها.
المذيع: نتحول للدكتور مواعدة. فضيلة الشيخ محمد الخضر حسين كان قد درس في جامع الزيتونة في عام ١٨٨٩ م، وفي ذلك الوقت كان جامع الزيتونة منارة تضاهي جامع الأزهر الشريف؛ أي: بمعنى أن الخضر حسين لما انتقل إلى مصر، كان قد شبع علماً، أليس كذلك؟
الأستاذ مواعدة: ملاحظة أحببت الرجوع إليها. هل كان يعرف ما يدور في الغرب؟ أعتقد أن الشيخ الخضر حسين ومن معه كانوا يواجهون تيارين