الإصلاحية التي بسطها، وأبدأ فيها وأعاد، في كتبه ومقالاته الكثيرة، ومنها:"رسائل الإصلاح"، و"الدعوة إلى الإصلاح". ولكني أودُّ التنبيه إلى نقطتين أنا مقتنع بهما: أولاهما: أن الإصلاح لا يَشْنأُ -كما يشاع- التصوفَ السنّي الخالي من البدع والخرافات والشطحات، وأن التصوف السنّي لا يشنأ الإصلاح.
وقد كان محمد العيد آل خليفة -رحمه الله- متصوِّفاً أوَّاهاً، وكان في الوقت نفسه أحد عُمُد الإصلاح، الدّاعي إليه، المجادل عنه، حتى شُرِّف بلقب:(حسَّان الحركة الإصلاحية)؛ تشبيهاً له بحسّان بن ثابت - رضي الله عنه -.
ودليل آخر على أن الإصلاح لا يعادي، ولا يعارض التصوف السنّي: هو هذا الإمام محمد الخضر حسين، الذي ينتسب إلى عائلة صوفية، ونشأ في أجواء التصوف الصافي، لم يجد في صدره حرجاً من اعتناق الإصلاح، والدعوة إليه، ولهذا وجدت رموز الإصلاح في الجزائر، وقادته؛ كالإمامين: ابن باديس، والإبراهيمي، لا يجدان حرجاً ولا تناقضاً عندما يُكْبِران الإمام محمد الخضر حسين، ويشيدان به.
ومما قاله الإمام ابن باديس -تعليقاً على مقال للإمام محمد الخضر-: "دعاني إلى كتابة هذا: مقال نفيس نشرته مجلة "الهداية الإسلامية" بقلم أستاذنا العلامة الجليل محمد الخضر بن الحسين الطولقي الجزائري، التونسي، ثم المصري ... وأحببت أن تكون مقدمتي هذه الصغيرة أمام ذلك المقام الكبير تذكرة لجلوسي لتلقي "تهذيب المنطق" بين يدي الأستاذ بجامع الزيتونة، وسماع دروس من صدر "تفسير الييضاوي" بدار الأستاذ بشارع باب منارة من تونس الخضراء".