ودون الدخول في تفاصيل لا يسمح المجال بذكرها، وهي عديدة جداً ومعقدة، فإننا نكتفي بالتأكيد، وهذا هو موقفنا الثابت نتيجة درس وتمحيص لهذه الشخصية العلمية الفذة، التأكيد على: أن العلامة الخضر حسين ليس من الصنف المحافظ المنغلق المعارض لكل إصلاح وتطوير، وليس -أيضاً- من الصنف الإصلاحي على غرار زعماء الإصلاح المعروفين، إنه في منزلة بين المنزلتين؛ كما يقال عند المعتزلة.
ولهذا السبب عارضه أنصار التيارين معاً عند صدور مجلة "السعادة العظمى"، ولم يجد سنداً إلا صديقه الوفي العلامة محمد الطاهر بن عاشور؛ إذ هو مثله المصلح المعتدل؛ فقد ساعده على مواصلة إصدار المجلة، والتي اضطرت إلى التوقف - حسب رأينا - لأسباب مادية؛ كما يبدو في أعدادها الأخيرة، وبالخصوص العدد المزدوج ١٩ و ٢٠، وعدد ٢١ الأخير الصادر في جانفي ١٩٠٥ م.
وللمزيد من التدقيق، وضمن ترتيب "المنزلة بين المنزلتين"، هل هو "محافظ مصلح"، أم "مصلح محافظ"، ما دام أنه ليس "محافظاً صرفاً"، ولا "مصلحاً صرفاً"؟
إننا نعتقد أنه محافظ مصلح، -وخاصة في المجالين الديني والاجتماعي- كثرَ منه مصلحاً محافظاً ... وهذا لا يقلل أبداً من شأنه، بل إنه ما كان يتميز به من وضوح في المواقف، ومن جرأة في التعبير عنها، والتدليل عليها: إن كل ذلك يؤكد ما يستحقه من مكانة وقيمة علمية ودينية وفكرية على مستوى الأمة الإسلامية جمعاء.
ويجدر التذكير -في هذا الإطار- بمجهوده المتميز في مجال الإصلاح،