وبالخصوص كتابه "التواصل الثقافي بين الجزائر وتونس" الصادر عن دار الحكمة بالجزائر سنة ٢٠٠٧ م، والذي جاء في بداية مقدمته:"الصلات الفكرية والثقافية بين تونس والجزائر تعتبر نموذجاً فريداً وطريفاً لما يمكن أن ينشأ من صلات حميمة بين قطرين شقيقين، كما تعتبر مثالاً نادراً لعلاقات الجوار الإيجابي الخصيب بين الأقطار العربية التي تجمع بينها حدود مشتركة". إن هذا التواصل الحضاري والثقافي يدعم أسسه رجالٌ مثل: الخضر حسين الجزائري الأصول، التونسي النشأة والتكوين والبروز، المشرقي الإسلامي الشهرة والمجد؛ حسب عبارة العلامة محمد الفاضل بن عاشور. هؤلاء هم جسور هذا التواصل مما يجعلهم يتجاوزون الحدود العائلية والجغرافية إلى الفضاءات الحضارية والثقافية الرحبة واللانهائية.
ولذلك، فلا غرابة أن يتواصل الاهتمام بالخضر حسين، وبعلمه وآثاره، ودوره الديني والفكري في الجزائر، وتونس، ودمشق، والقاهرة، وأن تنعقد الندوات العلمية هنا وهناك؛ فالرجل هو (رجال في رجل)، وهو (بحر لا ساحل له ...)، يتسع للجميع، ويستوعب الجميع، ويحتضنهم، وما يختزنه من كنوز وجواهر يمكِّن الجميع من إثراء معارفهم وترسيخ هويتهم الحضارية.