للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عثماني، الذي جمع هذه الوفود، وأكرم وفادتها، على عادته في الكرم الجمّ، والهمة العالية، جمعنا في زاويته العامرة بطلاب القرآن، وحفاظه، وزرنا مكتبته الغنية بالمخطوطات والمطبوعات، التي لا يبخل بها على الباحثين والدارسين؛ كما يفعل الآخرون الذين يضنّون بما لديهم من مخطوطات تفنى وتبيد، ولا ينتفع بها مستفيد، فلنعمَ الزاويةُ، ولنعم شيخُها ومكتبتها.

وإمامنا هذا الذي احتفلت به "بسكرة" إمام عظيم في خلقه، عظيم في جهاده، عظيم في علمه، أستاذ للشيخ عبد الحميد بن باديس، الذي درس عليه "تفسير البيضاوي" في منزله بتونس، كما درس عليه المنطق في جامع الزيتونة الأعظم، وعلق في آخر مقال كتبه (سبتمبر ١٩٣٩ م) على مقال للشيخ محمد الخضر عن (أولي الأمر)، وأشار إلى فضله ونبله وعلمه، وأنه جزائري، تونسي، مصري، من منبت صوفي أصيل، ومن مورد الشريعة الغراء.

وأنا أقول: إن صوته ونضاله وأعماله وصل صداها إلى الهند، وقد أشاد الشيخُ الهندي الجليل "أبو الحسن الندوي" بفضله، فهو إمام العالم الإسلامي بلا منازع، ناضل من أجل وحدته، ودافع عن الجامعة الإسلامية، وعن القرآن والعربية، فناقش طه حسين في كتابه "الشعر الجاهلي" ونقضَه، كما نقضَ كتاب الشيخ علي عبد الرازق في كتابه "الإسلام وأصول الحكم"، ورد عليه، ولم يخش في ذلك كله لومة لائم، فارتفع ذكره، واشتهرت شخصيته في مصر وغيرها، وشاركه في ذلك صديقه الحميم العلامة محمد الطاهر بن عاشور، صاحب "التحرير والتنوير"، فنقض -أيضاً- كتاب "الإسلام وأصول الحكم"، وأبطل دعاواه بأسلوب علمي رصين، كما أبطل شيخنا الإمام محمد الخضر دعاوى طه حسين، وما أثاره علي عبد الرازق من شكوك.