واقفاً يطوف على ضيوفه، ويؤنسهم بلطف حديثه، معتبراً ذلك شرفاً له.
وتمتاز الزاوية العثمانية باتساع رحابها، ونظافة أرجائها، وجمال تنسيقها، فهذه أزهار، وتلك أشجار، ويتوسط ساحتها نافورة ماء، قد أدينا صلاة الجمعة في مسجدها البسيط النظيف، ثم ودَّعَنا الشيخ بمثل ما استقبلنا به من اللطافة والبشاشة، ملحاً على إعادة الزيارة جميعاً أو أشتاتاً.
وأما الأمر الذي أدهشنا وعقدَ ألسنتنا، فهو ما رُقِم في لوح الإعلانات في مدخل الزاوية، وهو أن "الزاوية لا تقبل هدايا ولا عطايا، لا من الأشخاص، ولا من الهيئات".
وهذه بدعة حسنة انفردت بها هذه الزاوية؛ لأن أكثر الزوايا ليس لها من عمل إلا جمع المال، دون إلقاء بال لمصدر ذلك المال، أمن حرام هو أم من حلال، حتى صح فيها قول القائل:"إنها فراج لجمع الخراج".
وقد اقترحت أن يتبرع الحاضرون بما استطاعوا من كتب لمكتبة الزاوية، يستفيد منها الباحثون الذين يقصدونها لإنجاز أبحاثهم، ولم يعترض الشيخ على هذا الاقتراح.
بارك الله في عمر الشيخ الجليل، ومتَّعه بسمعه وبصره ما أبقاه، وهدى به إلى الصراط المستقيم، والخلق القويم، وعَمَر زاويته بالذكر الحكيم.
وشكر الله للجمعية الخلدونية سعيها، وجعلها نوراً تنير "بسكرة"، وتضيء ما حولها، وجعل اسمها للخلود، وأعضاءها للخُلْد، ولمثل هذا فليعمل العاملون، وفي مثله فليتنافس المتنافسون.