للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وما على البلدية وكبراء المنطقة إلا السعي لدى أولي الأمر لإقامة صرح علمي ومركز ثقافي، فتحيا بهما "بنطيوس"، وتعود سيرتها الأولى في أيام الشيخ عبد الرحمن الأخضري.

ثم يمَّم الجمع تلقاء مدينة "طولقة"، ويالتحديد إلى الزاوية العثمانية (زاوية علي بن عمر) التي أسست في عام ١٧٨٩ م (١)، فكانت لبنة التمام، ومسك الختام.

كان في استقبال الزائرين فضيلة الشيخ عبد القادر عثماني شيخ الزاوية، وعضو المجلس الإسلامي الأعلى، وقد استولى على مجامع القلوب بتواضعه، وطلاقة وجهه، ودماثة خلقه.

يتميز الشيخ عبد القادر بأنه لا يحيط نفسه بهالة من الغموض كما يفعل كثير من أدعياء التصوف، فمظهره ينبئ عن مخبره، وقد انعكس ذلك على مريديه، فلا تراهم يتصرفون أمامه كأنه هبط من كوكب آخر؛ لأنه علّمهم أنه -مثلُهم- ابنُ امرأة تأكل القديد.

وقد زار الوفد مكتبة الزاوية الزاخرة بآلاف الكتب المخطوطة والمطبوعة، وتفضل الشيخ فكان مرشداً ودليلاً، شرح للزوار ما تحتويه المكتبة، منبِّهاً إلى بعض الكتب المتميزة في موضوعها أو منهجها، فالزاوية زاوية علم، لا زاوية رقص السَّمَاح (٢).

وقد كرم الشيخ ضيوفه، فأقام لهم وجبة غداء، وأبى إلا أن يظل


(١) تاريخ الصحافة والصحفيين في بسكرة - فوزي مصمودي، (ص ٢٣٥).
(٢) رقصة يستعملها بعض المشايخ الذين جعلوا الذكر مكاء وتصدية. (انظر: المنجد في اللغة، مادة: سمح).