للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَجَباً لهاتيكَ النظارةِ أصبحَتْ ... كالثوبِ بينَ أناملِ (القَصَّارِ)

وأناملُ (القصارِ) تعبثُ مثل آ ... لاتِ تحركُها يُد (النجَّارِ)

والقصار والنجار من كبار شيوخ جامع الزيتونة، وهما من هيئة نظارة الجامع الأعظم.

رأى الشيخ الخضر: "أن القيام بحق الإسلام يستدعي مجالاً واسعاً، وسماء صافية"، فقرر الارتحال إلى الشام نهائياً خلال شهر ديسمبر سنة ١٩١٢ م، (وكانت سنه تناهز الأربعين)، وقد تكونت فيه شخصيته العلمية، وغزرت معارفه؛ مما جعلها تبحث عن مجالات أوسع، وآفاق أرحب.

أنا سأقول جملة: "إن المرحلة التونسية استمرت مع الشيخ محمد الخضر حسين كامل حياته؛ من ناحية التأثير والتأثر، ومن ناحية مسيرته حتى وصل إلى مشيخة الأزهر"، والدليل على ذلك: لجوء الرئيس الحبيب بورقيبة إلى مصر، فقد أُوقف على الحدود الليبية المصرية، فاتصل وزير الداخلية اللواء صالح حرب -آنذاك- بالشيخ الخضر ليلاً ... وكانا معاً في جمعية (الشبان المسلمين)، فضمن الشيخ الخضر الرئيس بورقيبة الذي أنزله الشيخ في داره لمدة يومين حتى وفّر له غرفة في إحدى الجمعيات.

ثم إن دار الشيخ الخضر في القاهرة كانت محطة استقبال وترحيب بالتونسيين من علماء وساسة وأدباء.

وفي مقالاتي الأخيرة، ذكرت أن زوجته توفيت، وتزوج ابنة أختها التي كانت تعيش معه، للخدمة والعناية بالشيخ، ومازالت موجودة للآن، وكنا سنأتي بها، ولكنها مريضة، وقد ذهبتُ إليها السنة الماضية، ووافقت أن نقوم بتسجيل كامل حياتها مع الشيخ، ويكون هذا فصلاً من الكتاب الذي سأطبعه