للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(حياة اللغة العربية) التي ألقاها بنادي قدماء الصادقية. . . كما قام برحلتين علميتين إلى الجزائر، الأولى: سنة ١٩٠٣ م، والثانية: سنة ١٩٠٤ م، ونشر عن الرحلتين في مجلة "السعادة العظمى". وقد اهتم في أثناء ذلك بالميدان الثقافي والديني، فزار المساجد والمكتبات، وحضر بعض الدروس الدينية واللغوية، كما ألقى بعض المسامرات في الفقه والحديث والتفسير، وشارك في بعض المجالس الأدبية.

ومن خلال نشاطه السياسي، فقد شارك في التنديدِ بالحرب التي شنتها إيطاليا سنة ١٩١١ م ضد ليبيا، ودعوةِ المواطنين إلى مساعدة شعب ليبيا المسلم والحكومةِ العثمانية ضد الإيطاليين، ونشر قصيدته الشهيرة التي نجد فيها بوضوح حبه للحرية، وعواطفه الوطنية الجياشة، وقال في مطلعها:

رُدُّوا على مجدِنا الذّكْرَ الذي ذهبا ... يكفي مضاجِعَنا نومٌ دهى حِقَبا

ولا تعودُ إلى شعبٍ مَجَادَتُهُ ... إلا إذا غامرت هماتُه الشُّهُبا

وكانت النخبة المثقفة التونسية تعيش في جو نفسي خانق في النصف الثاني من سنة ١٩١٢ م نتيجة ما سلطه على البلاد من إرهاب وتعسف النظامُ الاستعماري القائم، ولاشك أن الشيخ محمد الخضر حسين كان يعاني نفس الأزمة، ويشعر بنفس الشعور، وهو الوطني الحساس، وقد زاد في ضيق نفسه خيبتُه في مناظرة التدريس من الطبقة الأولى التي اجتازها في أثناء تلك المدة، وسعى شيوخ النظارة إلى إسقاطه نتيجةَ وجود بعض العوامل الشخصية والميول الخاصة، جعلت هؤلاء الشيوخ (وخاصة منهم الشيخ بلحسن النجار) لا يعتمدون على مقاييس الكفاءة العلمية؛ مما أدى بالشيخ محمد الخضر إلى قول البيتين المشهورين: