للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بشيخها وإمامها في مشيخة الأزهر، بل من حق أي بلد إسلامي أن يحتفل بالرجل العظيم.

فهو المصلح الاجتماعي، والمفسّر، والمحدث، والمناضل، والمدرّس، والقاضي، والإعلامي، والرّحالة، واللغوي، والشاعر، والأديب، وأكرمه الله أن يكون شيخاً للأزهر، وهكذا يكرّم الله رجاله في الحياة الدنيا قبل ثواب الآخرة.

والإمام محمد الخضر حسين من الرجال الذين صبروا وصابروا ورابطوا من أجل الدعوة إلى الإسلام، وإصلاح المجتمع، والدفاع عن حال الأمة، برغم ما لاقاه في سبيل ذلك من أذى، وترحال من بلد إلى بلد، وملاحقة من قبل المستعمر، إلا أنه كان عظيماً في علمه، عظيماً في خلقه، عظيماً في تقواه.

والمرحلة السورية في حياة الإمام محمد الخضر حسين تنحصر من تاريخ الرابع من شعبان (١٣٣١ هـ - الموافق ديسمبر ١٩١٢ م) عندما أقلعت الباخرة من مرساها في تونس إلى دمشق، حتى عام (١٩٣٩ هـ -١٩٢٠ م) خروجه من سورية إلى مصر.

غادر التراب التونسي وهو ينشد:

حادِي سَفينتِنا اطْوَحْ مِنْ حُمولَتِها ... زادَ الوقودِ فَما في طَرْحهِ خَطَرُ

وخُذْ إذا خمدَتْ أنْفاسُ مِرْجَلِهَا ... مِنْ لَوْعةِ البَيْنِ مِقْباساً فَتَسْتَعِرُ

عندما أخذ الحنو إلى الوطن يتزايد، وحر الآسف لمفارقة الأصحاب يتصاعد.

وفي هذه المرحلة نميز ثلاث ومضات هامة من حياته: