الثمين، حتى فاجأني خبرُ رحلته عن هذه الديار، فتراءت لي حقيقةُ المثل:(بقدر سرور التواصل تكون حسرة التفاصل).
فلم يعد لي إلا الرجاء بأن يكون لي نصيب من الذكر في قلبه، وحظ من الخطور على باله، لذلك فأنا أتقدم إليه بهذه القصيدة؛ لتكون لي رتيمة عنده، وذكرى أحد المخلصين إليه. أمتع الله به، وأدام الكرامة، وكتب له السلامة في حله وترحاله". ومطلعها:
طَيْفٌ لِلَمْياءَ ما ينفك يبعثُ لي ... في آخرِ الليل إنْ هَوَّمْتُ أشجانا
وأجابه الشيخ الخضر بقصيدة طويلة، ومطلعها:
ما النّجْمُ تجري به الأفلاكُ في غَسقٍ ... كالدرِّ تقذفُه الأقلامُ في نسقِ
ويقول فيها:
وكيف أنْسى خليلاً قد تَضَوَّعَ في ... حُشاشتي ودُّه كالعنبرِ العَبِقِ
هذا مشهد نضربه لبيان المرتبة العلمية الرفيعة التي تبوأها الإمام في قلوب أهل العلم والأدب في دمشق.
ونظم خلال إقامته في دمشق قصائد رائعة في مناسبات عدة مختلفة، نكتفي بالإشارة إلى عنوان ومطلع بعضها:
عن الضجر من كثرة الأسفار يقول:
أنا كأسُ الكريمِ والأرضُ نادٍ ... والمطايا تطوفُ بي كالسُّقاةِ
كَمْ كؤوسٍ هَوَتْ إلى الأرضِ صَرْعى ... بين كفٍّ تديرها واللَّهاةِ
فاسمحي يا حياةُ بي لبخيلٍ ... جفنُ ساقِيه طافحٌ بسُباتِ
ومن قصيدة في تهنئة أخيه الإمام محمد الطاهر بن عاشور عند ولايته