ولأن الشيخ من العلماء العظام الذين اختيروا من بين جماعة كبار العلماء، وليس معيناً من قبل الثورة، ولكنه آخر العلماء العظام الذين كانوا مختارين لمشيخة الأزهر الشريف، لذلك رجع مرة إلى المشيخة، والمرة الثانية قالوا: إنه استقال؛ لأنهم أرادوا أن يضموا المحاكم الشرعية إلى القضاء الأهلي، فقال: العكس هو الصحيح، يُضم القضاء الأهلي إلى القضاء الشرعي، وقدم استقالته نهائياً، ولم يرجع، ونفذوا كل ما أرادوه بعد ذلك.
* حياته بعد الأزهر:
ترك الشيخ الخضر جامع الأزهر وسنّه إحدى وثمانون سنة، وانزوى بمنزله إلى كتبه العلمية، وقد أنهك جسمَه الإعياء، ولم يبق له من المهام العلمية إلا عضويةُ المجمع اللغوي التي واصل القيام بها إلى آخر يوم من حياته، وكذلك عضوية جماعة كبار العلماء التي لم تكن تكلف صاحبها عناء كبيراً.
ولم ينقطع عن كتابة المقالات الدينية في بعض المجلات؛ مثل:"لواء الإسلام" التي كان أحد المشرفين عليها، ومحرراً لقسم تفسير القرآن فيها.
* وفاة الشيخ محمد الخضر حسين:
انتقل الشيخ محمد الخضر حسين إلى جوار ربه بعد حياة حافلة بجلائل الأعمال يوم الأحد (١٣ رجب سنة ١٣٧٧ هـ - ٢ فيفري ١٩٥٨ م).
وفي نفس ذلك التاريخ وقع الإعلام بمدينتي القاهرة ودمشق عن ميلاد الجمهورية العربية المتحدة. وكأن الصدفة أرادت اقتران هذا الحدث السياسي بوفاة رجل كان يدعو طول حياته إلى دعم الرابطة الإسلامية، وتقوية التعاون والوحدة بين المسلمين.