الخضر هي التي عاقتنا عن معرفة الأسباب التي أدت إلى اختياره شيخاً للأزهر، ولعل ما نفترضه هو: أن غزارة علمه، وشهرته الواسعة في الأوساط الدينية والثقافية، وهدوء طبعه في معالجة الأمور، وفي مشيخة الأزهر بالذات التي تكثر حولها الفتن، وتكثر حولها المؤامرات.
بالإضافة إلى الصداقة التي كانت تربط بينه وبين عدد كبير من علماء مصر وفضلالها، وأعضاء مجلس قيادة ثورة ٢٣ يوليو كانوا زملاءه في جمعية "الهداية الإسلامية"، كانوا أعضاء، ربما ليسوا أعضاء عاملين، ولكن كانوا يساعدون بالمال، ويساعدون بأشياء كثيرة.
* استقالة الشيخ محمد الخضر حسين من مشيخة الأزهر:
واصل الشيخ محمد الخضر حسين نشاطه الإداري والعلمي بمساعدة عدد من العلماء البارزين في الأزهر إلى سنة ١٩٥٤ م؛ إذ كثرت أمراضه الجسمية؛ مما منعه من القيام بمسؤولياته التي يرتضي ضميره، لذا قرر الاستقالة من منصب مشيخة الأزهر، وبارح هذا المعهد العلمي يوم (٢ جمادى الأولى ١٣٧٢ هـ - ٨ جانفي ١٩٤٥ م). طبعاً هذا كلام سياسي، ولكن الحقيقة أنه استقال نظراً لقانون الإصلاح الزراعي. وهذا يلغي كل من عنده أكثر من مئة فدان من الإقطاعيين المصريين بذلك الوقت. وغضب الشيخ غضباً، وقال: هذا حرام أن نأخذ أموال الناس، ونوزعها على آخرين، وقدم استقالته، لكن وجد من يطرق عليه الباب، فتح الباب، فوجد محمد نجيب وجمال عبد الناصر يقفان أمام البيت بعد الاستضافة، قالا له: إننا نرجوك أن تسحب هذه الاستقالة، ونحن نلغي هذا القانون. وفعلاً أُلغي مؤقتاً إلى أن رجع الشيخ؛ لأن استقالة الشيخ فضيحة، كون الشيخ يستقيل من الثورة هذه فضيحة لهم،