لا بد أن نشير هنا باختصار شديد إلى مساعي الصلح التي قام بها الشيخ مصطفى بن عزوز مع علي بن غذاهم، وثورته سنة (١٢٨٠ هـ - ١٨٦٤ م)، وقد تناولها الباحثون والمؤرخون في العديد من المؤلفات.
فقد أصدر المشير محمد الصادق باي أمراً فرض بموجبه إعانة -وهي ما يعرف اليوم بالضريبة- على كل تونسي تُجبى لصالح الخزينة، وقدرها ٧٢ ريالاً، وشكل هذا عبئا على الناس، ولاسيما طبقة العمال والفلاحين، ومنهم من اشتكى، ومنهم من تمرد وحمل السلاح في وجه الباي، ومنهم: علي بن غذاهم من مدينة "ماجر"، وعمت الفوضى البلاد التونسية، وقامت حملات عسكرية عنيفة على المواطنين.
ونظراً للمكانة السامية للشيخ عند الباي محمد الصادق، ومكانة الشيخ عند عامة الناس، فقد طلب الباي إليه التوسط في هذا الموضوع.
يقول الشيخ الوزير أحمد بن أبي ضياف في كتابه "إتحاف أهل الزمان بأخبار ملوك تونس وعهد الأمان": "ولم يزل الحال في اضطراب وشدة إلى أن قدم من الجريد بركةُ القطر المشارُ إليه بالبنان، المتدرجُ في مقامات العرفان، الوليُّ السالك المحبّبُ لعباد الله، شيخُ الطريقة الرحمانية، أبو النخبة، الشيخُ مصطفى بن عزوز، واجتمع بعلي بن غذاهم ووجوه جموعه، وقد مسهم نصبُ الملل، بعد أن أخذ لهم الأمان من الباي، واستوثق منه بالعهود والأيمان، وقرأ للباي قوله تعالى:{وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ}[النحل: ٩١]. ثم قال لهم: لا جواب لكم عند الله تعالى على إراقة دماء المسلمين. وقد أعطاكم