في إدراك الغاية، واهنَ العزيمة حتى صار هذا الحال يغشى روحه، فرض الكاتب هذا, ليجعل المراد من المغتسل البارد والشراب: عقد العزيمة، واستكمال الثقة".
فقال في دفاعه: "إنه بعد ما تلوتُ عليك من آيات القرآن ما عُزِي إلى الرسل؛ من استبطاء النجاح في دعوتهم، لم يكن ذلك فرضًا، بل هو أمر واقع، بل الواقع أكثرُ من هذا، فقد نسب إلى الرسل اليأس من النصر في قوله تعالى:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ}[يوسف: ١١٠]، ... إلخ ".
استبطاء النصر، أو استشعار اليأس منه، أمر يقع للرسل - عليهم السلام -، أما وهن العزم، وعدم القوة في السير إلى الغاية، فقد نسبهما صاحب المقال إلى أيوب - عليه السلام - فرضاً؛ فإنه على تسليم أن يكون المراد من قوله تعالى:{أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ}[ص: ٤١]،: الشكاية من إعراض قومه، فإن مجرد هذه الشكوى لا يكفي دليلاً على أنه وقع في وهن من العزم، وفقد القوة في السير إلى الغاية، وقد شكا نوح - عليه السلام - من إعراض قومه عن في دعوته، فقال: {قَالَ رَبِّ إِنِّي دَعَوْتُ قَوْمِي لَيْلًا وَنَهَارًا (٥) فَلَمْ يَزِدْهُمْ دُعَائِي إِلَّا فِرَارًا} [نوح: ٥، ٦]، ولا يصح لأحد يقف على هذه الآيات أن يقول: إن نوحاً - عليه السلام - كان واهن العزم، ضعيف الثقة، فاقد القوة في السير إلى الغاية.
وقال صاحب المقال في رده: "ونحن نعلم - كما يعلم هذا الكاتب -: أن هذا القرآن نزل بلسان عربي مبين، ونوقن أن القرآن نزل - مع هذا - مملوءاً بالكنايات والاستعارات، أما أن ما بينته من الكناية فيه تكلف، فسرُّ التكلف في نظر هذا الكاتب تأثر نفسه بالإسرائيليات، وتلك نتيجة طبيعية للتقليد،