العزم، ضعيف الثقة، عادم القوة في السير إلى الغاية.
ثم قال في رده:"وأخيراً: فاسألوا هذا الكاتب عن تلك الآيات: هل تكفي نقلاً ثابتاً، أم يحتاج معها إلى دليل آخر؟ ".
الآية الأولى دلت على أن الرسول قد يستبطئ النصر فيقول: متى نصر الله؟ واستبطاء النصر شيء، ووهن العزم وعدم القوة في السير إلى الغاية شيء آخر.
والآية الثانية دلت على أن الرسول قد تطول أيام دعوته، ولا يظهر على قومه، فيستشعر اليأس من الانتصار عليهم في الدنيا، فيأتيه النصر فجأة، واستشعار اليأس من هذا الانتصار لا يدلّ على الوهن في العزم، وعدم القوة في السير إلى الغاية.
وإن سلَّمنا أن الله قد يبعث رسولًا يجمع إلى الوهن في العزيمة، والضعف في الثقة عدمَ القوة في السير إلى الغاية، فإني محتاج إلى دليل يثبت أن أيوب - عليه السلام - قد اجتمعت فيه هذه الأشياء، حتى يصح لي أن أنسبها إليه وأنا مطمئن القلب، بريء من أن كون قد نسبتها إليه بغير حق. والنبيُّ يؤثر أن يصاب في جسمه على أن يصاب في عزمه وثباته في الدعوة إلى الغاية.
وكان صاحب المقال أوَّلَ قولَه تعالى:{هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ}[ص: ٤٢]، على أن اسم الإشارة راجع إلى الركض بالرجل، فقال:"ولما كان تردد المرء في غايته، ووهن عزيمته، وضعف ثقته بها، صَدَأً يغشى الأرواح، ومرضاً يتعب النفوس، ويضايق الصدور، وكان استكمال العزيمة، واستتمام الثقة غسلاً للأرواح من صدئها، ونقعاً للغلة، قال:{هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} ".
فقلنا في التعليق على هذا: "فرض كاتب المقال أن أيوب كان متردداً