للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شجَّع الطباعة، واهتم بالصحافة، واعتنى شخصياً بجريدة "الرائد التونسي"، فوجَّهَ مقالتها، وأشرف على سياستها، وتعتبر هذه الجريدة من أقدم الصحف في تاريخ الصحافة العربية على الإطلاق.

وقد عدَّت حركة الطباعة وميلاد الصحافة التونسية من أبرز معالم النهضة الثقافية في عهد خير الدين، وكان لهما تأثير قوي في الحركة الأدبية وتجديد اللغة، ولكن برغم هذا الوعي بدور الصحافة، فإننا نجد عدد الصحف محدوداً، فلعل تطبيق قانون الضمان المالي للصحافة الصادر في ١٤ أكتوبر ١٨٨٤ م كان أكبرَ عائق أمام انتشار الصحف بالبلاد، ودفع التونسيين إلى التلهف على الصحف، والدوريات الواردة من الخارج، ولاسيما من الشرق. وهذا ما يفسر استبشارهم بمجلة "العروة الوثقى"، والالتفاف حولها؛ لأنها لسان الأمة الإسلامية جمعاء، وإن تقريظ الشيخ محمد السنوسي لهذه المجلة لأكبر شاهد.

وكلما تقدمنا خطوة في تاريخ الإصلاح بتونس، تبين لنا الدور الأساسي الذي تقوم به الصحف فيها، فجريده "الحاضرة" كانت محور الحركة الإصلاحية، وجريدة "الزهرة" لسان القوى الوطنية. ويقوى اهتمام النخبة الإصلاحية بالصحافة خاصة بعد صدور مجلة "المنار" المصرية التي عرفت انتشاراً كبيراً في البلاد التونسية، تحدث عنه رشيد رضا نفسه: "وجاءنا من تونس أن الجزء الواحد من المنار يدار على العشرات من الناس".

وفي سنة ١٩٠١ م أصدر الشيخ عبد العزيز الثعالبي جريدة سمّاها: "سبيل الرشاد"، جاءت لتدعم الحركة الإصلاحية، وتقوي صفوف المجددين، وبرغم أنها لم تعمر طويلاً، فإن صاحبها كان داعية إلى التطور والحرية،