وهذا ما جعل المجلة تلقى رواجاً كبيراً في أوساط المثقفين التونسيين، وشارك في الكتابة فيها العديد من العلماء، باختلاف انتمائهم إلى الطرفين المتصارعين: المحا فظين، والإصلاحيين، وقرَّظها الكثيرون، وابتهجوا لصدروها.
* المجتمع التونسي من خلال مجلة "السعادة العظمى":
ذكرنا عند تعريفنا بمجلة "السعادة العظمى": أنها أنشئت سنة ١٩٠٤ م؛ أي: في أوائل القرن العشرين، وقد اتصفت هذه الفترة بسيطرة السلطات الاستعمارية الفرنسية على البلاد، ومحاولاتها مَحْقَ العقلية الإسلامية، وصبغتها بعقليتها؛ لاستيلائها على أهم المراكز التي تقوم عليها البلاد؛ كالتعليم والاقتصاد، وضعفت حالة الشعب، وشعَرَ بالذل والهوان، وطغَت عليه روح الخمول والاستسلام، فانتشرت الأوهام والبدع، وساءت المعاملات التجارية، وتغلغل الشعور بالعجز، وبان البون شاسعاً بين العقليتين المسيطرتين على المجتمع: عقلية الغرب المتطور، وعقلية الشرق المتخلف.
فتحركت همم العلماء لحماية الإسلام من الاندثار، والوقوف في وجه الغرب الزاحف بحضارته وقيمه.
واتخذ هؤلاء العلماء الصحافةَ وسيلةً للجهاد، ومنبراً للوعظ، ولم تتخلف مجلة "السعادة العظمى" عن أداء دورها ضمن هذه الحركة، فاختارت المواضيع من صميم الواقع الاجتماعي، وصوّرت لنا اهتمامات السكان بمختلف طبقاتهم، وعكست القضايا التي تشغلهم، وكتب فيها المحافظون المجددون، وقرَّظها العلماء وغيرهم من الموظفين، ووجهت إليها أسئلة من مختلف