النظّارة العلمية في جامع الزيتونة من صدور هذه المجلة، ومطالبتها للوزير الأكبر في ذلك الوقت محمد العزيز بو عتّور بإيقاف إصدارها.
إذ لم يستوعب أعضاءُ هذه الهيئة من الشيوخ المنحدرين في معظمهم من عائلات بورجوازية تونسية تجاسرَ هذا العالم الشاب من نقل مجال المداولات العلمية والفكرية المتصلة بالقضايا الفقهية والأخلاقية، والأدبية واللغوية من الدوائر التقليدية التي كان يتولاها هؤلاء الشيوخ إلى الرأي العام؛ حيث المقاهي والنوادي، إلى غير ذلك.
إذ كانوا يعتبرون أن هذه الوظيفة هي وظيفتهم، وليس فيها لغيرهم أن يتولاها، وأن يضيق دائرة سلطتهم العلمية والمعرفية في ذلك الوقت.
صدع الشيخ محمد الخضر حسين منذ المقال الأول مين مجلة "السعادة العظمى"، المقال الافتتاحي للعدد الأول، فقال:"إن دعوى غلق باب الاجتهاد لا يُسمع إلا بدليل ينسخ الدليل الذي انفتح به هذا الباب أولاً"؛ رداً على النظرة الضيقة المغلقة التي كان يروِّجها المحافظون من شيوخ جامع الزيتونة، ووعيا من الرجل بأن في "السعادة العظمى" استقلالاً وحرية ونهضة معرفية وعمرانية، وهي قضايا مركزية وجوهرية بالنسبة إليهم، فالرجل كان ذا نزعة استقلالية لا مراء فيها، وكان يعتبر أن قضايا الحرية وحقوق الإنسان من القضايا التي ينبغي أن تعالج في المجتمع الحديث.
كما راهن وركز وعالج النهضة المعرفية والنهضة الفكرية التي لابد أن تكون المقدمةَ الضرورية لدخول المجتمعات العربية الإسلامية - والمجتمعُ التونسي مثالٌ لها- إلى مرحلة التحديث، والخروج من أَسر الأُطر المغلقة التي أراد المحافظون من علماء جامع الزيتونة أن يُبقوا مسارَ