للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تغني عن مرجع بالنسبة إلى المتكلم والمخاطب، أما إذا أريد إفهام الكلام لغير المتكلم والمخاطب، فلا بدَّ من مرجع يمكن للسامع معه أن يفهم ما يسمعه، وإلا، لصحَّ أن تقول لشخص: أنا اليوم قابلت فلاناً، وقلت له: هذا ملك أخي، دون أن يسبق ذكر المشار إليه، ودون أن يكون في الكلام ما يدل عليه، مع أن هذا كلام لا يمكن لمن تحدثه به أن يفهمه".

لو ذكر لك طبيب اسم شخص، وقال لك: شكا إليَّ مرضاً نزل به، فقلت له: هذا دهن، وهذا شراب، لفهمت ماذا أراد، ورأيت اسم الإشارة كيف يستغني عن مرجع يتقدم عليه.

ولو حدثك إنسان عن شخص، وقال لك: شكا إليَّ شدة البرد، فقلت له: هذا رداء وإزار، وهذا فراش وغطاء، لرأيته في غنى عن أن يذكر لاسم الإشارة مرجعاً غير ما أشار إليه من بعد.

وقوله تعالى: {هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ} [ص: ٤٢]، بعد حكايته قول أيوب - عليه السلام -: {أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ} [الأنبياء: ٨٣]، وقوله: {بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} [ص: ٤١]، وبعد قوله تعالى: {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} [ص: ٤٢]، ظاهرٌ في أن المشار إليه هو الماء النابع من الأرض.

وكان صاحب المقال قد قال في قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ} [ص: ٤٣]: "أي: هدينا له أهله، فاَمنوا به، واستجابوا لدعوته، وهدينا له مثلهم من غير أهله". وقال: "فليس المراد بالهبة هنا هبة الخلق والإيجاد، بل هبة الهداية والإرشادة بدليل تعبيره بالأهل دون الذرية والولد كما في قوله تعالى: {وَوَهَبْنَا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنَا أَخَاهُ هَارُونَ نَبِيًّا} [مريم: ٥٣]؛ إذ كل ما يهتم له الأنبياء إنما هو أن يهدي الله لهم، لا أن يولد لهم".