يمكن أن نقول: إن المباحث التي تصدى لها الشيخ الخضر في مجلة "السعادة العظمى" عالجت بنظرة عالية قضايا الحرية والنهضة والتقدم والمدنية في مرحلة كانت البلاد التونسية تشهد فيها مخاضات وتحولات تُؤذِن بأن التونسيين بدؤوا يستعدون لإدارة بلادهم بأنفسهم، وهو ما عبّر عنه الشيخ الخضر إذ قال في كتابه "تونس ٦٧ عاماً من الاحتلال الفرنساوي"، قال:"أصبحت تونس مستعدة للقيام بواجبات استقلالها، وليست في حاجة إلى ما يسمونه: حماية". علماً أن الرجل بعد الحرب العالمية الأولى أسس (جمعية استقلال تونس والجزائر) صحبةَ الشيخين: صالح الشريف، وإسماعيل الصفايحي، ثم في أربعينات القرن الماضي أسس (جبهة الدفاع عن شمال إفريقيا)، وهي منظمة سياسية بالدرجة الأولى، غايتها استقلالية.
لم يساير الشيخ الخضر في هذه المرحلة التونسية التي أسس فيها مجلة "السعادة العظمى" المؤسسةَ التقليدية، والعلماء المحافظين، وكانت نظرته فيها معارضة للتوجه الذي كان سائداً في تلك الفترة.
* مجلة "الهداية الإسلامية":
الحجة البالغة في مجلة "الهداية الإسلامية" هي الوصول للبحث العميق والدقيق، وهي وسيلة في ذلك بينها وبين النظرة العالية في مجلة "السعادة العظمى".
إذ كان الشيخ الخضر حسين علماً بارزاً، وطوداً شامخاً، ينبغي أن نهتدي به، وإن مدونته تتيح للباحثين أن يمرسوه مفسراً، وفقيهاً، ومصلحاً، ولغوياً، وبلاغياً من الدرجة الأولى.