للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد تبين لي: أن للشيخ محمد الخضر حسين مكانة علمية كبيرة، وأنه يتميز بسعة المعارف، وتنوع المؤلفات وغزارتها. فهو القائدُ الذي واجه الاستعمارَ الفرنسي في تونس، فعمل على استنهاض الشعب بإبراز قيمة الحرية في الإسلام، وقد دفع ثمنَ ذلك الهجرةَ من الوطن الذي نشأ فيه وترعرع.

وقد واجه تسلُّط أحمد جمال باشا وجبروته في دمشق، خاصة مع المفكرين ورجال النخبة المثقفة، فعمل على بث العلم في صفوف شبابها من خلال تدريسه بالمدرسة السلطانية، وشحذ همم رِجالها من خلال إلقاء المحاضرات العلمية بالجامع الأموي. فدفع ثمنَ ذلك السجنَ والتعذيبَ. وتصدَّى لخطر فكر أراد النيل من الدين الإسلامي وسماحته في مصر، فنقض كتابي: علي عبد الرازق، وطه حسين، وعمل على تنظيم النظم الاجتماعية وتطويرها "من خلال بعث الجمعيات"، وأثرى الحياة الفكرية "إنشاء المجلات"، فلاقى جزاءَ ذلك التدريس بالأزهر قرابة العشرين سنة، ودخول هيئة كبار العلماء، وتقلَّد مشيخة الأزهر.

وقد ساهمتْ هذه المحطاتُ في إثراء الزاد المعرفي والفكري للشيخ؛ حيث لاقى في كل مرحلة علماءَ الأمة وأقطابَها، وهو ما ساهم في بلورة فكره الديني، وترجيح كفّة العلوم الدينية في كتاباته، ترجيحاً توَّجَهُ باتجاهه إلى علم التفسير من خلال كتاب "أسرار التنزيل"، الذي وضعه بداية من سنة (١٣٦٦ هـ / ١٩٤٧ م).

أولاً - إنتاجه في التفسير:

طرق الخضر حسين بابَ التفسير، فعقد دروساً دينية في تفسير القرآن